جامع الحسين صرح ديني يجذب النفوس في قلب القاهرة

جامع الحسين-تصوير: نورهان دسوقي

نورهان دسوقي

وسط الزحام الشديد والإضاءة ذات الألوان الزاهية في دروب حي الحسين العريق بالقاهرة الفاطمية وعلى بعد خطوات قليلة من خان الخليلي يستقر جامع الحسين أحد الآثار الإسلامية العتيقة ليجذب المسلمين من جميع البلاد خاصة في شهر رمضان الكريم.

بُني جامع الحسين في عصر الدولة الفاطمية في عهد الخليفة الفاطمي الفائز بنصر الله، وأشرف على البناء الوزير الصالح طلائع عام 549 هجري 1152م، وسُمي بهذا الاسم؛ لاعتقاد البعض بأن رأس الإمام الحسين مدفونة به، حيث يروي الشبلنجي، في كتاب "نور الابصار في مناقب آل بيت النبي المختار" صفحة رقم 134، أنه بعد مقتل الحسين غدرًا، أمر يزيد بن معاوية، بأن يُطاف برأس الحسين فطيف به حتى انتهى بها إلى عسقلان فدفنها أميرها هناك فلما غلبت الفرنج على عسقلان افتداها منه الصالح طلائع وزير الفاطميين بمال جزيل ووضع في كيس من الحرير الأخضر على كرسي من الأبنوس وفرش تحته المسك وبنى عليه المشهد الحسيني المعروف بالقاهرة.

جدار الروضة الحسينية والشباك المطل على المشهد الحسيني

عمارته الخارجية والداخلية

مسجد الحسين مبني من الحجر الأحمر على الطراز الغوطي، بنيت منارته التي تقع في الركن الغربي القبلي على نمط المآذن العثمانية فهي أسطوانية الشكل ولها دورتان وتنتهي بمخروط ويضم المسجد ثلاثة أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي وبابًا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر وآخر بالجهة البحرية يؤدي إلى صحن به مكان للوضوء.

ومن الداخل يشتمل على منبر على خمس صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية ومحرابه بُني من قطع صغيرة من القيثاني الملونة بدلًا من الرخام وبجانبه منبر من الخشب يجاوره بابان يؤديان إلى القبة وثالث يؤدي إلى حجرة المخلفات حيث يوجد بها مخلفات النبوية.

المشهد الحسيني

وصف ابن جبير، المشهد الحسيني، خلال زيارته للقاهرة كما ورد في كتاب تاريخ المراقد "الحسين وأهل بيته وأنصاره" الجزء السابع من دائرة المعارف الحسينية صفحة رقم 195، "المشهد العظيم بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن على بن على بن أبي طالب رضى الله عنهما وهو في تابوت فضة مدفون تحت الأرض قد بُني عليه بنيان حفيل مجلل بأنواع الديباج محفوف بأمثال العمد الكبار شمعًا أبيض قد وضع أكثرها في أتوار فضة خالصة ومنها مذهبة وعلقت عليه قناديل فضة وحل أعلاه بأمثال التفافيح ذهبًا في مصنع شبيه الروضة وفيه من أنواع الرخام المجزع الغريب والمدخل إلى هذه الروضة على مسجد على مثالها في التألق والغرابة حيطانه كلها رخام.

كما وصفه الرحالة ابن بطوطة، بأنه من المزارات الشريفة المشهد المقدس حيث رأس الحسين بن علي وعليه رباط ضخم عجيب البناء على أبوابه وحلق الفضة وصفائحها وهو موفي الحق من الإجلال والتعظيم".

إصلاحه وتطويره

أنشأ المشهد الحسيني، عام 549 هـ، ولم يتبقى منه الآن سوى الباب المعروف بالباب الأخضر الذي أنشأه الفاطميون وبنيت في 634 هـ، مئذنة شرع في بنائها الشيخ أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السكر، المعروف بالزرزور، لكنه مات قبل أن يكملها، فأتمها ابنه وهي حافلة بالزخارف لم يتبقى منها سوى قاعدتها المربعة وعليها لوحتان تذكاريتان من الرخام تتضمنان تاريخ البناء واسم المنشئ، وذلك بحسب ما ورد بدائرة المعرف الحسينية الجزء السابع صفحة رقم 197.

مآذن الحسين

أقام الأمير عبد الرحمن كتخدا، بتجديد المشهد والقبة المقامة على الضريح وحليت من الداخل بالنقوش الملونة التي يتخللها التذهيب، وبعد أن تولى الخديوي إسماعيل حكم مصر، أمر بتجديد المسجد وتوسعة رحابه وطرقه وبناء المسجد الحالي ومئذنته الحالية على طراز المآذن العثمانية.

وأمر الخديوي عباس حلمي الثاني، ببناء غرفة في الناحية الجنوبية لقبة المشهد خصصت لحفظ الآثار النبوية الشريفة تشمل قطعة من قميص النبي ومكحلة وقطعة من عصاه وشعرتين من اللحية الشريفة ومصحفين شريفين نسب إحداهما الخليفة الراشد الثالث عثمان ابن عفان والثاني نُسب إلى الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب، ثم جاء الملك فاروق وأمر بإصلاح أرضية القبة وفرشها بالرخام، وبعد ثورة يوليو اهتمت الحكومة به وتم توسعة ساحة الصلاة في 1952م، وبناء مبنى إداري للمشهد والمسجد ومكتبة في الجهة الشريفة على امتداد القبة ومصلى للسيدات.

عن الحسين

الحسين بن علي بن طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، هو حفيد النبي، من ابنته فاطمة الزهراء، وُلد في العام الرابع من الهجرة في المدينة ونشأ في بيت النبوة، وكان أبوه علي بن أبي طالب، أول من أسلم من الصبا، دعا نفسه للخلافة بعد مقتل أبيه علي بن أبى طالب وكان له أتباع كثيرون، أوهمه أهل الكوفة أنهم بايعوه للخلافة بدلًا من يزيد بن معاوية، فسار إلى الكوفة وعند كربلاء هاجمه جنود عبد الله بن زياد، والي الكوفة الأموي، وقتلوه وقطعوا رأسه، بحسب ما ورد في كتاب "حياة الحسين" من تأليف عبد الحميد جودة السحار، صفحة رقم 172.

النجفة أعلى المشهد الحسيني

ويحتفل المصريون وغيرهم من مريدي مسجد الإمام الحسين، بمولده طوال شهر ربيع الثاني من كل عام، وفي شهر شوال كانت تُحمل كسوة الكعبة الشريفة إلى المشهد الحسيني بموكب حيث تخاط فيه ثم تُحمل منه بموكب إلى مكة.


الكاتب

نورهان دسوقي> نورهان دسوقي

شارك برأيك