«سلطان الفسيخ» حكاية «سمك» عمره 200 عاما بالإسكندرية.. وأهم الزبائن «أجانب»


دينا النجار

تقودك رائحة الفسيخ المنتشرة في أرجاء المكان أثناء السير في شارع إسماعيل مهني، بمنطقة العطارين في الإسكندرية، والذي اشتهر بوجود الكثير من محال بيع الفسيخ فيه إلى الوقوف أمام أقدم محل لبيع الفسيخ "سي عبده" أو "سلطان الفسيخ" كما يطلق عليه، والذي يعمل في المجال منذ 200 عامًا.

 لم يكتفي صاحبه، عبده فهمي، الذي ورث هذه المهنة أبًا عن جد بالبيع فقط، بل عمل على تطوير نفسه دائمًا ليستمر في التميُز، فحصل على شهادات من الولايات المتحدة الأمريكية في الاستزراع السمكي والعديد من الشهادات التقديرية من وزارة الصحة، ووزارة البيئة، وأنشأ "دولاب تمليح" خاص بالمحل.

"هي صنعة ومش أي حد يقدر يعملها".. هكذا قال "فهمي" عن التمليح المنزلي لـ"الفسيخ"، واصفًا إياه بأنه أصبح قليل جدًا، وهو ضار بشكل كبير لما يسبب أي خطأ إفساد السمك وحالات التسمم والوفاة؛ حيث يسترشد البعض لعادات خاطئة ومنها ترك السمك لفترات طويلة في الشمس قبل تمليحه مما يؤدي لتحلله ويصبح عرضة للحشرات، وكذلك سوء التخزين وسوء العرض من قبل الباعة الجائلين، واستخدام ملح غير صالح.

وعكس الصورة التي تناولتها الأفلام على غرار فيلم "عسل أسود"، والأضرار التي واجهها الفنان أحمد حلمي في دور الأجنبي بعد تناوله وجبة الفسيخ في مصر، روى "فهمي" معلقًا لـ"مصر الناس" عن هذه الصورة: "كنت أول فسخاني يروح أمريكا، والفسيخ معروف هناك مش زي ما بيقولوا في الأفلام، وأهم زبايني أجانب، وليا أصدقاء من أمريكا، وهولندا، ومن دول عربية بيشتروا من عندي الفسيخ والرنجة لما بينزلوا إسكندرية".

السمك المملح ثقافة منتشرة في كل بلاد العالم باختلاف أنواعه مثل سمك السلمون والتونة وطرق تمليحه، والشيخ الشعراوي، وأم كلثوم، وعبد الناصر، وعقيلة راتب والكثير من رجال السياسة، من أهم رواد المحل من المشاهير، ويتردد العديد من الفنانين والمشاهير وأعضاء مجلس شعب على المحل حتى الآن، حسبما يوضح.

وقد رشحته وزارة البيئة، في عام 1997، لتمثيل مصر في الاستزراع السمكي في الولايات المتحدة الأمريكية؛ نظرًا لجهوده في المجال، وهو ما يعده "فهمي" تحولًا كبيرًا في حياته، فبالرغم أنه غير متعلم إلا أنه عمل على تطوير نفسه بشكل مستمر في مجال الأسماك وحصل على العديد من الشهادات، حتى ساعده ذلك كثيرًا على إنشاء مزرعة متكاملة في مصر.

ضمان جودة المنتج، وصحة الناس، والاكتفاء الذاتي، أهم الدوافع التي شجعته على إنشاء مصنع للفسيخ بأبو المطامير، واستيراد سمك الرنجة من هولندا، وكذلك مزرعة للـعائلة البورية لضمان سلامة السمكة: "عشان مكونش تحت رحمة حد، ولم تتأثر المنتجات بارتفاع الأسعار منذ 3 سنوات، ويتراوح سعر الكيلو من 80 لـ 120جنيه".

وعن التمليح، سرد: "يتم بشكل تسلسلي من وضع السمك في غرف مكيفة تحت درجة حرارة متوسطة، ويتم تمليحه بالملح الرشيدي والكركم ودورة تمليح تستغرق حوالي 12 شهرًا، وبعد تحقيق الاكتفاء الذاتي، حتى بدأت أصدر المنتجات للخارج لبعض للدول العربية".

إنشاء أول منتجع للفسيخ على مساحة 15 فدانًا، بما فيه المصنع والمزرعة، تحويل مصرف إلى محمية طبيعية للترس والسلاحف البحرية، حيث تعاقد مع وزارة البيئة على استلام الترس المريضة وعلاجها مجانًا، وإعادتها لتوزيعها على الشواطئ لأهميتها في القضاء على قناديل البحر، في مقابل عرضها في المنتجع السياحي المتكامل للأسماك.

"التجديد مطلوب دايمًا وكان الشكل التقليدي لبيع الفسيخ زمان وطبعًا كل زبون ليه احتياجاته، ودلوقتي الموضوع اختلف بقي الفسيخ مخلي ودلوقتي بقى بيتعمل تورتة"، استكمل فهمي حديثه عن تطوير منتجاته، موضحًا أن "تورتة الفسيخ" عبارة عن سمك مخلي، به بطارخ بلدي ورنجة وكافيار، وخضراوات متعددة، كالبصل، والفلفل، والليمون، والطماطم، وتجهيزها يتم حسب الطلب والحجم، وتكفي من 4 حتى 6 أفراد، ويتراوح سعرها بين 140 حتى 160جنيه.


الكاتب

دينا النجار> دينا النجار

شارك برأيك