معهد «فؤاد الأول».. تاريخ من الأصالة والعراقة في أسيوط

معهد الملك فؤاد الأول بمحافظة أسيوط - صور أرشيفية

لمياء محمد

على صفاف نهر النيل، وتحديدًا في المنطقة الجنوبية الشرقية لمحافظة أسيوط، يقف شامخًا مبنى قد تظن لوهلة أنه قصر ملكي، لما يتمتع به من تصميم مبهر يترك في نفس متأمله الشعور بالعظمة.

إنه معهد فؤاد الأول المعروف بعدة مسميات أشهرها "معهد الحمراء" ومعهد "أسيوط الثانوي بنين"، ذلك لتميزه عن بقية معاهد محافظة أسيوط الأزهرية، إلا أن معهد "أسيوط الديني العلمي الأزهري" يبقى المسمى الأصلي لهذا الصرح الذي تم تشييده في 19 من ذي القعدة سنة 1333هجرية الموافق 19 سبتمبر سنة 1915 ميلادية.

قال علي عبد الحافظ، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة أسيوط، المدير الأسبق لمعهد فؤاد الأول، لـ "مصر الناس"، إنه تم بناء المعهد بناءً على طلب الأهالي حيث لا يُعقل ألا يكون هناك معهدًا أزهريًا في محافظة أسيوط مركز الصعيد، غير أن الطلاب الفقراء كانوا يواجهون العديد من العقبات الخاصة بتكاليف السفر من أجل الدراسة بجامع الأزهر الشريف بالقاهرة فكانوا يُحرمون من الالتحاق بمراكز مرموقة نظرًا لتوقف مستقبلهم على الدراسة بالقاهرة.

جانب من داخل معهد الملك فؤاد الأول

وإذا أتيت للمعهد من الجهة الشمالية عبر شارع الثورة ستجده على جهتك اليسرى من ناحية حديقة الفردوس وأول ما يطالعك هو سور المعهد المشابه تماما لأسوار قصور الملوك، فالسور به بنايات خرسانية مطلية بعجائن الرخام المطحون ذات لون ذهبي يبهرك ويشعرك بعظمته.

وبالنسبة لتصميم المعهد، فإن ارتفاعه يبلغ2.85  متر، وطوله 144 متر، بينما عرضه 28 متر؛ وقد بُنى سور المعهد من أعمدة تتوزع بطريقة منظمة للغاية تبدو مصنوعة على شكل حراب بطريقة متناسقة ودقيقة لها نهايات مدببة ارتفاعها 2.5، وتتزين تلك العمدان بثمانية نجوم حديدية متشابكة من الأسفل في صف واحد، ومن الأعلى تصنع عقدين متوازيين، تنسجم كلها معًا مطعمة ومزخرفة بالزخارف الإسلامية المربعة الشكل، و ُلقت الفوانيس النحاسية على العواميد بمسافات محسوبة لتنير الشارع.

تتوسط المبنى الداخلي للمعهد نافورة مصنوعة من الأرابيسك وسط مساحة خضراء بين المبنى المكون من طابقين ارتفاعهما 18 مترًا تقريبًا.

نافورة مصنوعة من الأرابيسك تتوسط المعهد من الداخل

وأضاف أحد العاملين بالإدارة، أن هذه النافورة لا تُقدر بثمن فهي ليست فقط مصنوعة بدقة بل أيضًا تبهر الأعين بجمالها الخلاب.

وعندما تطأ أقدامك باب الخروج من المبنى المخصص للدراسة وتتجه نحو الباب الذي كان يأتي منه "الملك فاروق" عن طريق المرسى المخصص له ذو البوابة الحديدية المصممة على الطراز المعماري الإسلامي، ستجد المسجد التابع للمعهد الذي بنى أيضًا على الطراز الإسلامي، تجاوره الميضة المخصصة للوضوء.

والمعهد المبنى منذ أكثر من قرن أرتاده الكثير من الطلاب والعلماء، من مختلف محافظات الصعيد، له تاريخ من الأصالة والعراقة، تخرّج منه أعظم العلماء في مجالات عدة وبالرغم من ذلك إلا أن الدولة لم تلق اهتمامًا للطلبات الكثيرة المقدمة من المعهد من أجل ترميم هذه التحفة المعمارية.


الكاتب

لمياء محمد> لمياء محمد

شارك برأيك