أسواق الأكل «المُستعمل» ومخلفات المصانع .. حين يكون للبقايا قيمة

حبات من الفول السوداني  يبدو شكلها غريباً ربما لسوء تخزينها أو انتهاء صلاحيتها

ندى عمران

أصوات متداخلة، تتنوع فيها الهتافات للترويج إلى بضائع "مُستعملة" ربما تكون جاذبة لهؤلاء الذين يفكرون يوميًا في كيفية مجاراة نار الأسعار الملتهبة.

لكن هذه البضائع المُستعملة ليست تلك التي ربما يعتاد عليها الناس من ملابس أو أثاث أو حتى كتب.. بل إنها بقايا طعام!، نعم بقايا طعام، مثل هياكل الدواجن و"شغت" اللحوم وبقايا الاجبان والمخللات ومصانع حلويات الأطفال التي يفترشها الباعة يوم الأثنين من كل أسبوع داخل سوق كرداسة بالجيزة، ويُقبل عليها مواطنون وسط تكدس كبير لسد رمقهم والحصول على احتياجاتهم الغذائية بأفل التكاليف، متجاهلين مصدرها وطريقة عرضها حيث يلتف حولها الذباب وربما تكون منتهية الصلاحية، لكن لا يهم كل هذا أمام نداء البطون.

هكذا يتذوق البعض طعم "الظفر" بشراء عظام الدواجن والمواشي !

تتصدر السيدات المشهد داخل السوق سواء كبائعات أو مقبلات على الشراء، فتتسابق البائعات في النداء لجذب انتباه المارة، أما المُشتريات منهن من يتجادلن بأسعار السلع في محاولة منهن "للفصال" في الجنيه وأحيانًا النصف جنيه، ومنهم من تحسب حسابها لتغطي ما تحتاجه بقدر ما تملك من أموال.

وبالرغم من هذه الأصوات المتداخلة، لا صوت يعلو فوق صوت الفقر وقلة الحيلة في مشهد يوصف المعنى الحرفي لمقولة "الجوع كافر" داخل سوق علني لا رقيب عليه، فهنا فقط تصبح لمخلفات المصانع قيمة.

أرجل و روؤس دواجن

"بجيب زفر مرتين في الشهر وبشتري الهياكل عشان نحس بطعم في الأكل"، هكذا قالت أم هيثم احدى المترددات على السوق بإستمرار وتابعت : "حتى الهياكل غليت الكيلو كان ب4 جنيه وبعدين بقى ب6 جنيه ودلوقتي الكيلو وصل 8جنيه ومش عارفة هيوصل لكام تاني".

بقايا طعام غير متضحة الملامح مما يعكس سوء جودتها أو انتهاء صلاحيتها !

على بعد أمتار قليلة تجذب طفلة لم تتعدى التاسعة من عمرها، يد أمها قائلة : "ماما نفسي في شيبسي وكيكا من دي"، لتذهب المرأة ذات الجلباب الأسود وتشتري لها "كسر" المصانع من الشيبسي والكيك.

لم تتردد في الإجابة عن سؤال حول خوفها على صحة ابنتها من هذه الحلويات مجهولة المصدر، ودون تفكير قالت : "على الأقل تدوق طعمه لو عليا أشتريلها أنضف حاجة" وتُكمل في شئ من الحسرة : "ماكناش عايزين أولادنا يبقوا أصحاب مرض من صغرهم ونأكلهم بواقي أكل يا عالم فيه إيه وجاي منين، بس الأسعار نار والفقر بينهش فينا ويادوب اللي رايح على قد اللي جاي، ربنا كريم".

طفلة تشتاق لعرائس الأطفال

وسط الزحام تتعلق عيون الطفلة بـ "فاترينة" – واجهة محل ــ تعرض لعب للأطفال لتقول الأم التي ارتسمت على وجهها ملامح الغضب : "الفلوس خلصت المرة الجاية أجيبلك عروسة".


الكاتب

ندى عمران> ندى عمران

شارك برأيك