«أم رامي» الصعيدية.. زرعت الأمل والتضحية فحصدت كل الرضا

ابتسامة رضا من أم ضحت بالكثير - تصوير نورا أحمد

نورا أحمد

استيقظت "أم رامي" ذات صباح بعيد على خبر وفاة زوجها وهو في ريعان شبابه إثر إصابته بأزمة قلبية، حينما كان يعمل في العقل، بينما لم تكن قد أكلمت 27 عامًا وقتها، تاركًا لها 7 أبناء، 5 من الذكور وبنتين، فماذا تفعل وهي الفلاحة البسيطة التي لا تملك سوى قطعة أرض صغيرة كانت تزرعها مع زوجها، ولا تعرف في الدنيا سوى الفلاحة وتربية الطيور شأنها شأن معظم نساء قريتها التابعة لمركز مغاغة في محافظة المنيا؟

"مليش غيرك يا رب ساعدني أربي العيال اليتامى دول".. هكذا كانت تدعو أم رامي وهي لا تدري من أين ستطعم هؤلاء اليتامى ولا كيف ستعلمهم وهي بمفردها من دون زوج ولا سند.

"أهل الخير جابولي جاموسة تساعدني مع الأرض في تربية العيال، بدأت أزرع الأرض وكان بيساعدني رامي الكبير بعد ما ييجى من المدرسة وكنت بعمل من لبن الجاموسة سمنة وجبنة وأبيعها للناس، وأصحى من الفجرية أجمع شوية خيار من الأرض واروح أبيعهم في السوق وأجيب بتمنهم أكل وكراريس للعيال عشان المدارس، عايزة عيالى يتعلموا ويبقى معاهم شهادة عشان الزمن ميجيش عليهم ويلاقوا حاجة يتسندوا عليها لما يكبروا".

مع كل الضغوط التي تعرضت لها أم رامي لتوفير القوت لأولادها، فإنها تعرضت أيضًا لضغط من نوع آخر من أهلها لتتزوج مرة ثانية، بينما رفضت أن تأتي بزوج أم لأطفالها وتساءلت بينها وبين نفسها من يقبل حمل 7 أبناء.

وهكذا صمدت أم رامي أمام كل التحديات التي مرت في حياتها، وسخرت حياتها من أجل أبنائها، فربتهم وعلمتهم وحصل 4 منهم على الدبلوم ويعملون في مهن مختلفة والبقية ما زالوا في التعليم، وزوجت 3 منهم وهي الآن تعيش بين أبنائها وأحفادها وما زالت تذهب إلى الحقل وتكافح وعندما يدعوها أبنائها إلى أن تستريح ويعملون هم، تأبى وتصر على إكمال رسالتها حتى آخر نفس في حياتها..

"زي ما علمت الكبار وجوزتهم هعلم الصغيرين وأجوزهم، آي نعم أنا مقدرتش على تعليم عالي بس ده اللي قدرت عليه واللهِ، ربنا كريم قوي قواني أربي العيال دي لوحدي لحد ما بقوا رجالة قد الدنيا، أنا مش عايزة حاجة غير إن ربنا يحفظهم ويبارك لي فيهم، وأعيش لحد ما أجوزهم كلهم وأشوف عيالهم، هما دول فرحتي اللي عشت طول عمري بتمناها وبضحي عشانهم، الحمد لله رب العالمين ".


الكاتب

نورا أحمد> نورا أحمد

شارك برأيك