في ذكرى ميلادها.. «فيروز والرحباني» قصة الحب والألم والنجاح

المطربة اللبنانية فيروز بصحبة زوجها الراحل عاصي الرحباني

رندا ثروت

من منا لم يستمع إليها وهي تغني لمصر "مصر عادت شمسك الذهب تحمل الأرض وتغترب"، أو يردد كلماتها وهي تتغزل بمدينة الإسكندرية "شط إسكندرية يا شط الهوى"، إنها جارة القمر «فيروز»، التي يحل اليوم ذكرى ميلادها الـ83، والتي طالما تغنت بأجمل كلمات الحب، التي جسدت قصتها مع رفيق روحها ودربها عاصي الرحباني.

في مبنى الإذاعة اللبنانية كانت جارة القمر على موعد للقاء نصفها الثاني وأيقونة نجاحها في الفن والحياة عاصي الرحباني، فعازف الكمان في فرقة الإذاعة اللبنانية والملحن المبتدئ في ذلك الوقت لم يكن يعلم أنه سيقع في غرامها وتقع ألحانه في غرام صوتها لتتحول العلاقة من علاقة أستاذ بتلميذته لعلاقة حبيب بحبيبته.

واجه هذا الحب العديد من المصاعب فقرار زواجهما لم يكن سهلًا، خاصة مع رفض والدة عاصي وشقيقاته هذه الزيجة ومحاولتهن الضغط عليه للتراجع عن الارتباط بالفتاة التي يرونها غير مؤهلة لمصاهرتهن.

ينتمي عاصي إلى أسرة جبلية، وفي البيئات الجبلية اللبنانية ينبغي للشباب الإذعان لرأى الوالدين في القرارات المصيرية، وكانت أسرته ترى أن المستقبل ما زال يتيح له فرصة للارتباط بفتاة أكثر جمالًا ومن بيت كريم.

لم تحظ فيروز بإعجاب أسرة عاصي، التي كانت تراها فتاة قروية فقيرة لا تتمتع بالجمال الذي من شأنه أن يبهرهم.

تردد عاصي بشأن إتمام الزواج في البداية بسبب ضغوط أسرته، حتى زاد تعقيدًا بعد وصول الأمر للصحف اللبنانية التي حملت وقتها مانشتات "فيروز تعيش أزمة عاطفية"، وعندها تدخل الشاعر سعيد عقل، في حسم الموقف داعيًا عاصي لاتخاذ قراره بعيدًا عن ضغوط الأهل وتقاليدهم.

وفي كنيسة سيدة البشارة وبتاريخ 23 يناير عام 1955، تزوج عاصي الرحباني من نهاد وديع وهو الاسم الأصلي لفيروز، ليبدأ الزوجان أول خطوة في طريقهما نحو النجاح، فشكلا الاثنان معًا حالة فنية منقطعة النظير، وقدما معًا المئات من الأعمال الفنية التي حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا.

وقابل هذا الحب العظيم العديد من الخلافات، حتى أصبحت علاقة الزوجين على المحك لدرجة أن صوت شجارهما كان يصل لمسامع الجيران، حتى انتهى ارتباطهما بعد 23 عامًا، وذلك في 1978.

وبالرغم من طلاقهما إلا أن الحب بينهما لم ينته، فحين نُقل عاصي للمستشفى إثر إصابته بأزمة صحية سارعت فيروز في التوجه إليه ومكثت معه لترعاه حتى وفاته في 1986م.

تركت وفاة عاصي فراغًا كبيرًا في حياة فيروز الشخصية والمهنية، فبحسب قولها إن وفاته سبب كسرًا داخل روحها لا يمكن جبره، ولم تعرف الحزن إلا بعده.

تسبب رحيل عاصي، في انهيار فيروز باكية على المسرح حينما غنت في إحدى حفلاتها "سألوني الناس"، فحين وصلت لمقطع "بيعز علي غني يا حبيبي ولأول مرة ما بنكون سوا" تذكرت جارة القمر حبيبها ورفيق دربها.

كانا "فيروز وعاصي" تجسيدًا لقصة الحب الأسطورية، فقال عنهما الشاعر اللبناني نزار قباني "لقد عزف لنا عاصي الحب على لسان فيروزته، فهي سيدة ألحانه وقلبه معًا".

 


الكاتب

رندا ثروت> رندا ثروت

شارك برأيك