نقلًا عن «Egyptian Streets»

«مزاهر» فرقة «زار» تطرد الأرواح الشريرة بـ«الرقص»

مأخوذة عن «egyptian streets»

مصر الناس

كتبت-خلود حسني

بحركات راقصة تشبه الغيبوبة على ضربات الطبول بنغماتها المختلفة والمتصاعدة، وفي أجواء مفعمة بالضجيج تملؤها الأبخرة، تتعالى صرخات وبكاء موسيقيات فرقة «مزاهر» للزار، للتعبير عن مشاعرهن وطرد الأرواح الشريرة الساكنة أحدهم.

«مزاهر» هي فرقة زار تتكون من مجموعة من الموسيقيات النساء هن أم حسن، وأم سامح، ونور الصباح، وهي من بين آخر ممارسي الزار المتبقين في مصر، إذ تؤدي النساء فيها أدورًا رائدة؛ وقد ارتفعت شعبية هذه الفرقة على مر السنين، والتي تؤدي عروضها بشكل رئيسي وسط القاهرة.

طقوس علاجية..

عرَّفت هاجر الحديدي، مؤلفة كتاب «زار» الصادر في 2016، تلك العملية بأنها طقوس علاجية معقدة تمارس في مناطق حول الخليج والبحر الأحمر، تم تسجيلها من أوائل القرن العشرين، ويمكن تفسير كلمة «زار» على أنها أي شكل من أشكال الروح الشريرة أو الجن التي تمتلك فردًا تزعجه بأمراض أو مشكلات، وعكس آثار الأرواح الشريرة في الخير.

وأضافت «الحديدي» أن الزار يشتمل على طقوس تتطلب وجود «مؤدي» الذي يشار إليه بالشيخ أو الشيخة، للتضحية بحيوان لروح الشخص المسكون، لكن هذه الفكرة تغيرت على مر السنين، حيث إن العديد من عروض الزار الآن تختار التخلي عن التضحية بحيوان، متابعة أن الشيخة في الفرقة هي عادة امرأة تقوم أو تشرف على الأداء واستجابة الحاضرين.

ومن جانبها قالت أم سامح، وهي موسيقار وقائد فرقة مزاهر الشهيرة للزار، في تصريحات صحفية: «لقد انتقل الناس من الطريقة التقليدية للزار وجعلوها أكثر سهولة وشعبية من خلال الموسيقى».

بينما، أوضحت مدرس مساعد بهيئة التدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ألكسندرا جازيس، أن أحد الأسباب الرئيسية التي يُؤدى من أجلها الزار هو اعتقاد الجمهور العام أن الشخص قد امتلكته روح شريرة.

مأخوذة عن «egyptian streets»

اضطرابات عقلية..

واعتبرت «جازيس» الزار إحدى الممارسات القليلة التي توصف بأنها متلازمة الثقافة السائدة، لعلاج مجموعة من الأعراض التي يتم التعرف عليها أو تحدث في ثقافة معينة، يصاحبها عدة حركات غير عادية للجسم واليد مصحوبة بصيحات عديدة، متابعة أن معظم المصريين يحكمون على ممارس الزار أو أحد الحاضرين «بالمريض العقلي».

وأضافت: «الزار أحد المتلازمات القليلة المرتبطة بالثقافة السائدة، التي اعتدنا استخدامها في "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية"، وقد اكتشف علماء النفس في العديد من الثقافات أن الممارسين للزار ينفذون نفس الطقوس».

وأوضحت أن الطقوس تُقسم إلى 3 أجزاء؛ البداية والوسط والنهاية، مستطردة: «تبدأ الشيخة بقراءة آيات من القرآن، وتضيء البخور، وتقول بعض الأدعية، ثم تبدأ الأمور بالتصاعد تدريجيًا، مع بقاء الشخص المستهدف تطهيره وتحسنه أو شفاءه في الوسط ويواصلون الدوران حوله، ثم تتعالى أصوات الصراخ والبكاء، باعتبار أن الشخص الموجود في الوسط يطرد أرواح شريرة، وفي النهاية تبدأ صرخاته في التباطؤ، إضافة إلى حركات ممارسي زار».

وانتشرت هذه الممارسة في جميع أنحاء مصر، ومع اعتقاد الكثير من الناس أنها ممارسات طائفية، اعتبرت الحكومة المصرية هذا الفعل بأنه غير قانوني في أوائل القرن العشرين، لكنه لا يزال موجودًا، وخاصة في المنطقة الجنوبية.

أرواح الإثيوبيين..

انطلقت هذه الطقوس من إثيوبيا وأثرت على المناطق المحيطة بجنوب مصر والسودان، وذلك بحسب ما أوضحته أم سامح، قائلة: «عندما جاء العبيد الإثيوبيين إلى مصر عبر السفن، كان العديد من النساء يقمن بهذه الطقوس والممارسات المعقدة لتهدئة أرواحهن المحتضرة».

موسيقيون وآلات عزف..

تتكون فرقة الزار عادة من موسيقيين رجال ونساء، وتستخدم آلات عزف نقرية مثل آلة صنج الأصابع «الصاجات»، والدف، وأنواع مختلفة من الطبول، وآلة النفخ، والفلوت والقيثارة، ليرقصن النساء الموسيقيات على هذه الآلات في روتين يشبه الغيبوبة يتم التعبير عنه من خلال الضرب القاسي التدريجي على الطبول؛ وبخلاف الرقص، تبكي النساء الموسيقيات وتغني وتصرخ للتعبير عن مشاعرهن.

وأضافت: «كلما يعلو صوت الطبول لا يمكنك أن تساعد نفسك، لكن انهض وارقص، حتى يشعر جسدك بالموسيقى»، متابعة: «دور المؤدية في الفرقة هو أنها تأتي إلى المكان الذي يمارس فيه الزار وتخرج كل مشاعرها من خلال الأداء، وبهذه الطريقة يمكن للحاضرين من الرجال والنساء أن يتعاملوا بطريقة ما مع معاناتهم، ما يجعلهم يشعرون بالهدوء أو التخدير».

وأرجعت أم سامح، السبب في اختيار النساء لأداء هذا العمل لمرورهن بالكثير في حياتهن اليومية.

ويؤدين أم حسن وأم سامح ونور الصباح، تعويذة الزار عن طريق سحق أقدامهن بشدة على الأرض والصفع بحيوية متزايدة.

رابط القصة الأصلي: https://bit.ly/2ErKpGO

 


الكاتب

مصر الناس> مصر الناس

شارك برأيك