فكرة آخر سلطنة.. كرسي عم حسن الملوكي لمسح أحذية الإسكندرانية

"عم حسن" الملمّع الأشهر بمنطقة محرم بك بالإسكندرية

دينا النجار

وسط زحام المارة وتكدس السيارات أسفل كوبري المشاة في منطقة محرم بك بالإسكندرية، قد يُثلج صدرك قليلًا الإستماع لأغنيات أم كلثوم ومطربين الزمن الجميل التي ربما تظن أنها تبثت من راديو أو تليفزيون إحدى المقاهي المحيطة، لكن عند الإمعان بالنظر توقن أنها صادرة من كرسي "عم حسن" ذلك الرجل الستيني الذي ترتسم الإبتسامة على وجهه الممزوج بتجاعيد الزمن ويرتدي زي "خدم" يُعيدك لعصور قديمة وكأنك تتابع مشهد سينمائي يُجسد الحقبة العثمانية.

"السن كبر ومش حمل تنطيط زمان ودي مهنة والدي الله يرحمه"، هكذا بدأ عم حسن حديثه لـ "مصر الناس" موضحًا أنه عمل بكثير من المهن مثل بائع فواكه وخضروات متجول و"قهوجي" على نصبة شاي في منطقة سيدي جابر، إلا أن البلدية لم تسمح له بمزاولة هذه المهن التي ضاع معها رأس ماله.

ويُضيف أنه لم يستسلم رغم ذلك وسعى لإمتهان مهنة لاينافسه فيها أحدوتُناسب سنه -بحسب تعبيره- حيث قفذت في ذهنه فكرة عندما تذكر مساعدته لوالده قديمًا في صنع الأحذية.

"الشماشرجي" أو الخادم والكرسي المملوكي فكرة استغرقت 6 أشهر لتنفيذها وبلغت تكلفتها حوالى 11 ألف جنية، اقترضهم عم حسن من الأقارب كما باع جزء من أساس منزلهُ، ليُصمم الكرسي الضخم على الطراز العثماني بكوشة بها 600 لمبة صغيرة مضيئة بألوان مختلفة وشاشات عرض وحافظة للجرائد والمجلات إضافة إلى تزويده براديو وسماعات لإحياء الزمن الجميل بالأغاني القديمة.

"عم حسن" صاحب الكرسى الملوكى

وأختارعم حسن لمظهره زي الخدم وأضاف إليه الطربوش، وحتى يوفر لعملائه كل وسائل الراحة، وأضاف لادواته "سبرتاية"  لصنع الشاي والقهوة، لتظهر فكرته في مسح الأحذية بصورة مبتكرة وغير تقليدية. وقال: "لما اخترت لبس الخادمين كان عشان أحسس الزبون أنه ملك من اللبس والمعاملة".

ولا يتوانى المارة في التقاط صور "السيلفي" مع عم حسن حيث يبدون إعجابهم الشديد به لدرجة أنه أصبح حديث وسائل التواصل الإجتماعي بفضل التصوير معه.

ويقول عم حسن أن أكثر اللحظات سعادة كانت عندما يسمع تعليقات تُشيد به مثل "الله ينور عليك أحسن من الشباب على القهاوي" و "فكرة آخر سلطنة"، ذلك عندما انطلقت فكرته بمنطقة سيدي جابر التي واجهته فيها مشكلة عندما صادرت البلدية الكرسي مما اضطره لبيع أنبوبة الغاز في منزله لتسديد المبلغ وتحرير كرسيه والأنتقال لمكان آخر، الا وهو منطقة محرم بك ليقف أسفل كوبري المشاة للإحتماء من برد الإسكندرية القارص.

ويُحيط سكان منطقة محرم بك الرجل بحب وتقدير كبير لدرجة أن إحدى المقاهي خصصت له مكانًا ليضع فيه كرسيه ليلًا عند الإنتهاء من عمله ، الذي يبدأه الساعة 12 ظهرًا وينهيه عند منتصف الليل.

"عم حسن" يقوم بتلميع أحذية الزبائن

"مش الكرسي اللي جابني هنا وبس، أمانه عم حسن وأسعاره مقارنة بالأسعار برة وشغله النظيف اللي جابني تاني"، جمل رددها محمد فاروق أحد زبائن عم حسن ، الذي يتقاضي 2 جنيه فقط  مقابل تلميع الحذاء.

 ورغم ما يحظى به عم حسن من ود وتقدير، يطارد عقله هاجس مطاردة "البلدية" له مما اضطره لخفض إضاءة  الكرسي وإزالة شاشات العرض المثبتة عليه، لكنه يحلم بتطوير مشروعة في "كشك" يكون له تصاريح حتى يتمكن من إضافة إمكانيات للكرسى كالدوران مما قد يساعده لتحويل مشروعه إلى مزار سياحي.


الكاتب

دينا النجار> دينا النجار

شارك برأيك