«Book Cafe».. فسحة ثقافية لهواة القراءة بالإسكندرية


دينا النجار

وسط منطقة مكتظة بالسكان والازدحام المروري في طريق رئيسي للمواصلات بالإسكندرية، وبالتحديد في شارع ملك حفني أمام شارع عقل باشا مباشرًا، تستوقفك أصوات موسيقى هادئة ورائحة قهوة نفاذة لتجذب انتباهك لركن يسمى بـ«book cafe»، للوهلة الأولى تظن أنه ستاند لبيع الكتب والجرائد كالمعتاد، ولكن طريقة عرض الكتب تؤكد لك غير ذلك.

«عرض الكتاب وفن اختياره وترويجه دي مش مجرد مهنة، لأن دي رسالة تقدر من خلالها تفيد غيرك، وتخليه يحب القراءة طول حياته»، بهذه الكلمات بدأ حسن عيد، صاحب الـ30عامًا قصة مشروعه لـ«مصر الناس»، فبحكم عمله مندوبًا لتوزيع أحد الجرائد الكبرى يتردد على محال بيع الكتب الذي عشقها منذ صغره، وبالرغم من عدم إتاحة الظروف له استكمال تعليمه الجامعي وحصوله على دبلوم الثانوي الصناعي، إلا أنه حرص على تثقيف ذاته في كل المجالات.

في البداية لفت حُب وشغف «حسن» الكبير بالقراءة صاحب أحد المحال الذي تردد عليها كثيرًا لشراء الكتب، وعرض عليه العمل معه ما أتاح له الفرصة لقراءة أكبر قدر من الكتب بحكم عمله الجديد، ويرجع سبب العرض نجاحه في إقناع إحدى الزبائن بالعدول عن اختيارها كتاب لابنتها يلقى رواجًا في الفترة الأخيرة، بسبب عدم ملائمة محتواه لطبيعة سنها وترشيح كتاب آخر لها.

وتابع: «مش كل رواية أو كتاب عليها إقبال يبقى ممكن نرشحها لحد، وفي كتب لغتها صعبة هتقفل الناس من القراءة ومحتاجين نخلي الموضوع تدريجيًا، حاجات بسيطة تجذب الشباب لحد ما يتعود يقرأ الكتاب من الجلدة للجلدة، ممكن حد يقرأ كتاب يعجبه بس مش شرط يعجبك أو يناسب اهتماماتك، وأسعد أوقاتي وأنا بساعد الناس يوصلوا للكتاب المناسب ليهم».

وقرر حسن فتح مشروع صغير لبيع الكتب وبدأ بشراء ستاند قام بتصميمه مع الحداد لاستغلال كل مساحة فيه لعرض العديد من الكتب العربية والأجنبية والمترجمة بشكل جذاب، وبدأ المشروع في شارع جمال عبد الناصر منذ عامين، حتى أصبح له زبائن كثيرة في هذه المنطقة، ولكنه فكر في تطوير مشروعه وساعده في ذلك عرض مجموعة من أصدقائه التعاون معه من خلال توفير مكان مؤجر من السكة الحديد كحق انتفاع على حد قوله.

ولاهتمامه بمشروعات إعادة التدوير واستغلال المساحات الصغيرة، صمم الشكل الخارجي للـ«book cafe» قبل تنفيذه، وقرر تخصيص مكان لبيع القهوة نظرًا لإقبال القراء على شراء أنواعها المختلفة أثناء القراءة بأسعار بسيطة تتراوح من 5 لـ10 جنيهات، وافتتح المشروع منذ شهرين، وكادت ظروف عمله أن تقضي على استكمال حُلمه، ولكن بمساعدة والده المتقاعد في الإدارة حتى عودته من العمل دورًا كبيرًا في استمرار المشروع.

«الناس في الأول قالت لي أنت مجنون وأفتح محل تكسب منه، ولكن الحمد لله حققت مكاسب أكتر مما توقعت، وبحاول أراعي ظروف الناس اللي معهاش فلوس تشتري كتب وبدأت تأجير الكتب».

واستكمل حديثه، قائلًا إنه يتعامل مع الكتب بشكل طريف حيث يقوم بغسل يديه قبل قراءتها ويوصي مستأجري الكتب بذلك للحفاظ عليها من التلف، وللحفاظ على مصدر رزقه.

وأشاد «حسن» برجال حي سيدي بشر لتعاونهم معه، موضحًا: «أكثر الناس بتساعدني ومتعاونين معايا جدًا، ولكن ظروف شغلهم بتفرض عليهم إزالة المخالفات، وبيطلبوا مني معملش إشغال للرصيف والطريق وألتزم بمكاني».

وتابع أنه يحاول تطوير مشروعه خاصة مع تزامن المشروع مع دخول فصل الشتاء، ويحاول شراء مظلات لحماية الكتب من الأمطار المقبلة.

واختتم حديثه متمنيًا أن يوسع مشروعه في أماكن أخرى كالحدائق العامة والشواطئ؛ لإنشاء منتجع ثقافي متكامل أمام البحر وفي المساحات الخضراء، معربًا عن سعادته في توصيل المعلومات للقراء ومساعدة الشباب في القراءة، مقتديًا بالكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، والمقولة الشهيرة «الذي جعل الشباب يقرأون».


الكاتب

دينا النجار> دينا النجار

شارك برأيك