هاني المصري مبتكر بيوت ديزني.. فنان عرفه جيل الشباب بعد رحيله

الفنان التشكيلي الراحل هاني المصري

أسماء باسل

طفل بمدرسة الجزويت بالقاهرة يتحجج بانهيار حشو ضرسه، ليخرج سريعًا إلى سينما مترو لمشاهدة العرض الأول لفيلم «Jungle Book»، ليساهم ولعه فيما بعد في صنع الاسم العالمي هاني المصري.

وُلد هاني المصري في 1951، وتخرج في قسم الديكور بكلية الفنون الجميلة عام 1974، بعدما رفض الالتحاق بالهندسة متحديًا رغبة العائلة، ودأب على محاولات التحويل لمدة 7 أشهر متتالية، حتى اقتحم مكتب وزير التعليم العالي، ليقرر الأخير تحقيق رغبته ومنحه موافقة وزارية على طلبه.

دراسته كانت وِجهته للانفتاح على مستقبل رسمه منذ صغره، فكانت لديه موهبة وفن لا ينضب، أهلته ليكون أول مصريًا يعمل في استديوهات «والت ديزني».

أعماله..

بدأ هاني، عمله في والت ديزني منذ 1991 وحتى 6 سنوات كمصمم ديكور، ثم عمل في شركة «دريم ووركس» ليشارك معها في العديد من الأعمال منها فيلم الرسوم المتحركة الشهير «أمير مصر».

رسم بالرصاص لشكل المرسم الخاص به في ديزني

حبه لعلم المصريات والتاريخ العمراني والفني لمصر، جعله يلتحق بفريق عمل الفيلم، بعدما عرض على صناع العمل، ليقرروا انضمامه إليهم رغم اكتمال طاقم العمل، خاصة بعدما أظهر معرفته الواسعة بالفنون والتصاميم المصرية المختلفة عبر الحضارات القديمة والحديثة.

صمم هاني، شخصية الدب الأزرق «كيمو» ماركة الآيس كريم، ومطعم الجدة سارة في ديزني لاند بطوكيو، وبحر ديزني لاند، ومنزليّ ميني ماوس وبندق في مدينة «توون تاون»، التي يعيش فيها شخصيات ديزني الشهيرة.

وشارك أيضًا في هندسة الديكور لعدة مسرحيات منها «العيال كبرت»، و«شاهد ماشفش حاجة»، وصمم رسومات كتاب «ألف ليلة وليلة»، ورسوم مجلة «العربي الصغير» الكويتية، وغيرها من الأعمال، لينال عنها جائزة أفضل رسام لكتب الأطفال في 1979، وأفضل رسام مصري لكتب الأطفال من الهيئة القومية لكتب الأطفال في 2004.

لوحة للفنان هاني المصري بعنوان قهوة هنديلوحة للفنان هاني المصري بعنوان قهوة هندي

كان ولعُه بفنون الأطفال دافعًا لإسهاماته في الكتابة أيضًا، فكتب للأطفال مجموعة «خلف الأبواب السرية»، و«عروس فرعون».

وحبه للفن التشكيلي، جعله يحوّل مفردات حياته الواقعية إلى لوحات شديدة الجمال؛ براد الشاي المصنوع من الزهر والمقاهي في الإسكندرية، وأماكن مثل المكس والمنتزه، كل هذه المفردات وأكثر حوّلها المصري من أماكن وأشياء يحبها إلى لوحات لا يخطئها قلب.

لوحة «براد الزهر»لوحة «براد الزهر»

رؤيته القيّمة للفن كانت هي دافعه نحو العطاء لمن يريد المعرفة، تحكي عنه مي الوكيل، مدرس مساعد بكلية الفنون الجميلة قسم الديكور، بزخم إنساني مليء بالحب، قائلة: «كنت أجري بحثًا وأرسلت استبيانًا إليه فدعاني لمناقشته قبل ملئه، وكان اللقاء الأول بيننا ومن وقتها صار صديقًا لي ولزوجي».

وتابعت: «عرّفني على شخصيات هامة في ديزني، من بينها مارتي سكلار، واستخدمتها جميعًا كمراجع في رسالتي للماجستير، وحاول دعمي معنويًا كثيرًا خلال كتابتي للرسالة حتى إنه راسل «سكلار» ذات مرة ليشجعني على مواصلة البحث والإنجاز».

وأضافت أنه لا يمكن حصر الفنان هاني المصري في منطقة دون أخرى في مجال الفنون، فهو كان يتمتع بدراية واسعة وعين فنان تحول الحياة كل يوم إلى لوحة فنية، حتى إنه كان لديه خلفية واسعة في العمارة الإسلامية، ووجهها كثيرًا في ذاك المجال.

عاداته:

ووصفته بأنه كان بسيطًا يشرب الشاي الورق، والسجائر اللف، كان لديه غرفة نصفها الأمامي غرفة نوم والنصف الخلفي مطبخ صممه بنفسه، وحينما يأتي إلى الإسكندرية يحرص على تناول الكبدة في بحري، والجلوس على مقهى سيد درويش، معقبة: «لقد عاش كما يجب أن يعيش الفنان».

وعن مرضه:

 ذكرت مي، أنه عندما أخبرها بمرضه وشعر بحزنها، قال لها إن حياته ومحاولاته في الحياة ليست بسيطة، ومن الطبيعي أن يأتي قدره غير بسيط، وحينما كانت تعلق على أشياء فنية في منزله كان يقول لها إن المنزل هو مساحة الإنسان الخاصة التي يجب أن يملأها بما يحب أن تراه عينه.

لوحة تستعرض تفاصيل من منزله

وفي بدايات معرفتها به، سألته بأي صفة يجب أن تناديه، فجاء رده: «قليلي يا هاني زي ما بقولك يا مي إحنا فنانين زي بعض».

وقالت إنه كتب لها بيتًا شعريًا عظيمًا في معنى قيمة الشخص وليس ألقابه، مؤكدة أنها ما زالت تحتفظ به.

«ليس بالألقابِ يزدان حاملها.. إلا إذا ازدان باسم الحامل للقب

ومن لا تشرفه في الناسِ همتهُ.. فلا تشرفه الألقاب والرتب».

وفاته..

في 24 أغسطس الماضي، مرت الذكرى الثالثة على وفاة الفنان العالمي هاني المصري، بعد أن ترك اسمًا له عالميته وفنًا لا يزول.

وكانت وصيته لابنه وعائلته وطاقمه الطبي، هي عدم محاولاتهم في إطالة عمره بأي وسائل طبية صناعية، لإصراره على مواجهة الموت بالأمل، كما كان مع أحلامه دومًا.

 


الكاتب

أسماء باسل> أسماء باسل

شارك برأيك