كريمة يوسف.. محاربة للسرطان بالمشغولات اليدوية

كريمة يوسف تتعالج من مرض السرطان

دينا النجار

سيدة أربعينية، وأم لـ3 شباب، تباشر أعمالها المنزلية بمنزلها الهادئ في القاهرة، في مشهد يتكرر يوميًا في أغلب البيوت المصرية، قبل أن يقلب مرض السرطان حياتها رأسًا على عقب، ويحولها إلى محاربة جسورة لا ضعيفة متراخية، أكثر اجتماعية وليس أسيرة للعزلة والبؤس.

"ما بحبش حد يقول عليا مريضة سرطان، أنا مش مريضة، أنا محاربة سرطان"، بهذه الكلمات بدأت كريمة يوسف، رواية قصتها لـ"مصر الناس"، بعد إجرائها 7 عمليات لمحاربة مرضها، وخضوعها للعلاج الهرموني الممتد، فبعد استئصال الرحم منذ 5 سنوات، شعرت بألم في رقبتها وتكور أسفل الثدي، وبالرغم من أن الفحوصات كانت جيدة في البداية، إلا أن السرطان داهمها مرة أخرى.

"مش هنسى اليوم ده الدنيا كانت بتشتي جامد، وأنا رايحة أجيب نتيجة تحاليل المتابعة العادية، وكنت مبسوطة إني خفيت، لكن نظرات الدكتور كانت كلها حزن، حسيت ساعتها من غير ما يقول إني عندي سرطان في الثدي"، وجاءت نتيجة الفحوصات لتؤكد توقعاتها، وطلب طبيبها إجراء عملية جراحية عاجلة لاستئصال الثدي بعد حدوث نزيف نتيجة لانتشار السرطان.

كريمة يوسف تتعافى من السرطان بمستشفى بهية

تمالكت ما تبقى من قواها وطلبت زوجها الذي جاء لها على الفور، وتلقت أسرتها الخبر بصدمة كبيرة؛ وأصيبت والدتها على إثرها بجلطة في المخ، واجهضت أختها في الشهور الأخيرة حزننًا عليها.

لعل تماسك ودعم زوجها، وإيمانها بقضاء الله؛ كان الدفع الرئيسي لها في محاربة السرطان، وأجرت 4 عمليات متتالية بعد استئصال ثديها، منها ما كان تجميلي ومنها لزراعة عضلة أخُذت من الظهر مكان الثدي، ولكن أنباء خضوعها للعلاج بجرعات الكيماوي، أحبطت عزيمتها مجددًا.

"شعري كان طويل، وأنا بحبة جدًا، ولما عرفت إني هاخد كيماوي، قصيته لأنه كان هيقع في كل الأحوال"، وبعد بحثها عن أضرار الكيماوي على الإنترنت، ومعرفة مساوئه الجسيمة على أجهزة الجسم، انهارت قواها كاملة معتقده أن الموت مصيرها المحتوم ولا مفر منه؛ بسبب مرضها بكهرباء على القلب الذي لم يتحمل آثار العلاج الكيماوي، ولكن البُشرى التي زفتها لها طيبتها، بعد ظهور التحاليل، باستبدال جرعات الكيماوي بالعلاج الهرموني الممتد لسنوات، جعلها تشعر أن الله تقبل دعواتها ومنحها فرصة أخري للحياة.

وقررت كريمة أن تستثمر هذه الفرصة، في مساعدة محاربات السرطان على حد تعبيرها، وكل من مر بنفس الظروف التي عاشتها، ولم يدر بخلدها يومًا أن السرطان سيحولها من شخص غير اجتماعي، لشخص لديه الكثير من الصداقات التي كونت فيما بعد عائلة جديدة لها، فقامت هي ومحاربين السرطان والأطباء بعمل جروب "السرطان بداية حياة" على "الفيسبوك"؛ لتقديم الدعم النفسي لمرضى الأورام، والتواصل واستشارة الأطباء في حالة حدوث مضاعفات للعلاج.

ولم تقتصر جهودها في الدعم النفسي، ومساعدة المحاربين من خلال الرحلات الترفيهية والتوعوية فقط، ولكنها حرصت على تعليم محاربات السرطان، في دار الضيافة، الأشغال اليدوية، مستغلة مهاراتها في شغل الخرز والكروشيه، وعرضوا منتجاتهن في معرض القاهرة الدولي، والعديد من المعارض والجمعيات الخيرية؛ لتوفير مصدر دخل لهن والتغلب على أوقات المرض، كما ساعدها ابنها، في إنشاء صفحة "مطبخي والكروشيه"، على "الفيسبوك"  للتسويق لمنتجاتها.

"هكون كويسة، وهي مرحلة وهتعدي أنا مؤمنة بقضاء ربنا، وأكتر حاجة بتأثر فيا لما أعرف إن حد من أصدقائي المحاربين توفى، لكن أنا مش هستسلم للسرطان بإذن الله، ولآخر يوم في عمري هفضل أدعم محاربيه"، وبرغم ابتعاد منزلها عن مستشفى بهية، إلا إنها حريصة على المشاركة في جلسات الدعم النفسي هناك، وحملات التوعية من خلال جمعية "نريد حياة"، ومستشفى 57357، لمساعدة محاربي السرطان.


الكاتب

دينا النجار> دينا النجار

شارك برأيك