سمير صبري.. ذاكرة مهرجان القاهرة السينمائي في 40 عاما

الفنان سمير صبري-صور أرشيفية

أسماء باسل

في السادس عشر من أغسطس عام 1976، وقف الفنان سمير صبري على مسرح سينما قصر النيل لتقديم افتتاحية مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأولى، بعد حرب أكتوبر بـ3 أعوام، لتعلن مصر عن انتفاضة فنية جديدة بعد سنوات من الركود الفني العابر للحدود إبان الحرب، وفي 20 نوفمبر الجاري، وقف الفنان سمير صبري في دار الأوبرا لافتتاح المهرجان مرة أخرى بعد مرور 40 عامًا على دورته الأولى، مُقدمًا ذاكرة فنية وبصرية سطّر فيها المهرجان محطات مهمة للسينما والفن في مصر، إذ كان من أهم 3 مهرجانات سينمائية حول العالم في تقرير صدر عن الاتحاد الدولي لجمعيات المنتجين السينمائيين عام 1990.

قدم الفنان سمير صبري، مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأولى حتى دورته العاشرة، ليعود في الدورة الأربعين للمهرجان ليس فقط مُقدّمًا للافتتاح، بل مُقدّمًا شريط مهم في ذاكرة المهرجان عن فنانيين قدموا دعمهم للمهرجان في دورته الأولى حينما صرّح بأن الدورة الأولى للمهرجان رعاها 3 فنانين فقط هم وردة الجزائرية ونجوى فؤاد وعبد الحليم حافظ الذي أحيا حفل الدورة الأولى. 

صداقة الحب بالفن..

ربما نشأته في بيئة موسيقية وعمله المبكر في الإذاعة الإنجليزية جعله فنانًا ذو مقومات تجعل منه صديقًا مقربًا للفنانين بحكم طبيعة عمله في الإذاعة والتمثيل والإنتاج والتقديم التليفزيوني، إذ أنه صديق شخصي لأغلب فنانين جيله، وحتى أولئك الذين يواريهم المرض عن الفن أو الذين يختارون الابتعاد عن المجال برغبتهم، ظل سمير صبري صديقًا دائمًا لهم، يمر معهم بمحطات هامة في حياتهم وحياة الفن في مصر، الذين يمثلون جزءًا منه.

تلقى «صبري» تكريمًا من مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأربعين معربًا عن سعادته بهذا التكريم وهو ما زال على قيد الحياة، ليعبر هذا التكريم عن رحلة طويلة وثرية سار فيها جنبًا إلى جنب مع دورة حياة المهرجان طيلة أربعين، شاهدًا على فترات هبوطه وصعوده، ازدهاره وفتوره، داعمًا أصدقاءه، مُقدّمًا  لهم تماثيل وشهادات التكريم، مشاركًا إياهم للحظات التقدير الفاصلة في مشوارهم مع الفن في مهرجان كان هو الأول في منطقة الشرق الأوسط حينما تم إنشاؤه بعد سنوات شهدت فيها مصر تعطشًا للالتحام مع الفن عبر الحدود ومحاربة آثار الحرب بالفنون.

مصادفات الفن!

وكان اختيار فيلم «Green Book» لعرضه في حفل افتتاح المهرجان موفقًا، للتعبير عن الفارقة التي طالت المهرجان والفنان سمير صبري معًا، إذ تعرّض الفيلم لقضية العلاقة بين البيض والسود في أمريكا إبان فترة الستينات في قالب كوميدي لرحلة سائق إيطالي وعازف بيانو أسود، ترفض فيه بعض الأماكن في ولايات الجنوب استقبال السود، فكان السائق يحمل الكتاب الأخضر الذي يدلهم على الأماكن التي تستقبل السود.

ربما هذه مصادفة فنية بحتة لمرحلة فاصلة بين مشوار مهرجان القاهرة السينمائي والفنان سمير صبري وما شهدوه من تغيير ساهم فيه الفن لمعالجة القضايا وتناولها منذ الستينات والسبعينات وحتى الآن، ماذا تغيّر منذ أن كانت النسخة الأولى بالأبيض والأسود، ماذا فعلت السينما في القضايا الكبرى كقضية كتاب «Green Book»؟ هل ساهم الفن في معالجة قضايا ثقيلة كقضية العنصرية في قالب كوميدي بفيلم مثلما فعل الفنان سمير صبري مُعلقًا على تكريمه من المهرجان بسخرية وحزن في آن واحد: «الحمد لله إني عشت وإدوني جايزة، كنت بتخيل إني هاخد جايزة بعد ما أموت ويستلمها حد من ولادي ويقولوا الآن مع جائزة (فقيد الفن)، ويسرا ورجاء الجداوي دموعهم نازلة؟».

ومنح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في حفل افتتاح دورته الأربعين، أمس الثلاثاء، جائزة فاتن حمامة التقديرية للفنان سمير صبري، تقديرًا لمسيرته الفنية، وسلمته الجائزة الفنانة لبلبة، ومن المقرر أن تستمر فعاليات المهرجان المنعقد بدار الأوبرا المصرية، لمدة تسعة أيام، بحضور 1200 من الشخصيات العامة ونجوم الفن والإعلام في مصر والعالم.


الكاتب

أسماء باسل> أسماء باسل

شارك برأيك